الأحكام المختصة بشهر شوال
· التعريف وسبب التسمية :
شوال من أسماء الشهور العربية ، وهو الشهر العاشر من الأشهر الهجرية ، وهو اسم للشهر الذي يلي رمضان ، وهو أول أشهر الحج .
سمي بذلك لتشويل لبن الإبل ، وهو توليه وإدباره ، وكذلك حال الإبل في اشتداد الحر وانقطاع الرطب 0 وقيل : سمي بذلك لشولان الناقة فيه بذنبها ، من شالت الإبل أذنابها للطراق وهو الفحل ، أي رفعته عند اللقاح .
وجمع شوال : شواول ، وشواويل ، وشوالات . لسان العرب ( 11/377) ، المصباح المنير ( 125) مادة (شول ) .
· فضله :
هو أول شهر من أشهر الحج ، وأول يوم منه يوم عيد الفطر المبارك ، وهو يوم الجوائز حيث تغفر الذنوب ، ويؤجر الصائمون على صومهم ، ولذلك يحرم صيامه .
وهو يوم توسعة بما يخرجه المسلمون من صدقات فطرهم قبل صلاة العيد ، فلا يدخل هذا اليوم العظيم إلا وقد وسع الله سبحانه على المسلمين ، فيدخل الفرح والسرور على غنيهم وفقيرهم .
· أحاديث ضعيفة في فضله :
وردت أحاديث ضعيفة في فضل شوال منها :
1- حديث " من صام رمضان وشوالا والأربعاء والخميس والجمعة دخل الجنة " أخرجه أحمد (3/416) وهو حديث ضعيف كما في السلسلة الضعيفة للألباني (4612) .
2- حديث " إن لأهلك حقا ، صم رمضان والذي يليه ، وكل أربعاء وخميس ، فإذا أنت قد صمت الدهر " . أخرجه أبو داود (2432) والترمذي ( 748) وهو حديث ضعيف كما في ضعيف أبي داود للألباني ( 420) .
3- حديث أن أسامة بن زيد رضي الله عنه كان يصوم أشهر الحرم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صم شوالا " . فترك صيام أشهر الحرم ، ثم لم يزل يصوم شوالا حتى مات .أخرجه ابن ماجه (1744) وهو حديث ضعيف ضعفه ابن رجب في لطائف المعارف (392) وضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه (133) .
4- حديث " من صام ستة أيام بعد الفطر متتابعة ، فكأنما صام السنة كلها " أخرجه الطبراني في الأوسط ، وهو حديث ضعيف كما في ضعيف الترغيب والترهيب للألباني ( 1/309) .
5- حديث " من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " أخرجه الطبراني في الأوسط ، وهو حديث ضعيف كما في ضعيف الترغيب والترهيب للألباني ( 1/309) .
· دخول شهر شوال برؤية الهلال :
يثبت دخول شهر شوال برؤية هلاله من مسلمين اثنين ، أو بإكمال عدة رمضان ثلاثين لعموم ما ثبت في سنن النسائي (2116) ومسند أحمد (4/321) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، وانسكوا لها ، فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين ، فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا " .
ومتى ما أعلنت الدولة دخول شهر شوال وجب على جميع المسلمين في هذه الدولة الفطر ، لما ثبت في سنن الترمذي (701) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الصوم يوم تصومون ، والفطر يوم تفطرون ، والأضحى يوم تضحون " وهو حديث صحيح كما في السلسلة الصحيحة للألباني (224) .
قال الترمذي عقب الحديث : ( وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال : إنما معنى هذا الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس ) .
وقال الصنعاني في سبل السلام ( 2 / 131 ) : ( فيه دليل على أنه يعتبر في ثبوت العيد الموافقة للناس ) .
· حكم صوم شوال :
يستحب صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان لأدلة منها :
1- ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر " .
2- ما ثبت في سنن ابن ماجه عن ثوبان مولى رسول لله صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة ، ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) .
3- ما ثبت في سنن النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" جعل الله الحسنة بعشر أمثالها ، فشهر بعشرة أشهر ، وصيام ستة أيام بعد الفطر تمام السنة " .
4- ما ثبت في سنن النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صيام شهر رمضان بعشرة أشهر ، وصيام ستة أيام بشهرين ، فذلك صيام السنة " .
فائدة : قال ابن القيم في المنار المنيف : ( وفي كونها – أي الأيام الستة - من شوال سر لطيف ، وهو أنها تجري مجرى الجبران لرمضان ، وتقضى ما وقع فيه من التقصير في الصوم ، فتجري مجرى سنة الصلاة بعدها ، ومجرى سجدتي السهو ، ولهذا قال - النبي صلى الله عليه وسلم - : " وأتبعه " أي ألحقها به ) .
· مسائل متعلقة بصيام الست من شوال :
1- يستحب صيام الست بعد يوم العيد مباشرة ، أي في اليوم الثاني من شوال ، لأنه جاء في حديث أبي أيوب السابق " ثم أتبعه ستا من شوال " أي بعد يوم العيد مباشرة ، أما يوم العيد فلا يجوز صيامه ، لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي عبيد مولى ابن أزهر أنه قال : شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجاء فصلى ثم انصرف فخطب الناس فقال : إن هذين يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما ، يوم فطركم من صيامكم ، والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم .وثبت في صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين : يوم الأضحى ويوم الفطر .
2- يجوز صيام هذه الست متتابعة لظاهر حديث أبي أيوب ، ولكن ليس هذا على الوجوب ، بل يجوز أن تصام متفرقة .
3- لا يصوم الست إلا من صام رمضان كاملا ، فمن فاته شيء من رمضان – كالحائض أو المريض أو المسافر - فلا يصوم الست حتى يقضي ما عليه من رمضان ، لأنه جاء في حديث أبي أيوب السابق " من صام رمضان " أي كاملا .
4- يجوز أن يبدأ بصيام الست من يوم الجمعة أو يوم السبت ، ولا كراهة في ذلك ، لأن القصد هو صيام الست من شوال ، وليس تخصيص يوم الجمعة أو يوم السبت بصيام .
5- من لم يستطع صيام الست لعذر المرض حتى انقضى شوال جاز له أن يصومها أول ذي القعدة قضاء ، لأنه فاته الأداء فبقي القضاء .
6- من الاعتقادات الباطلة ما يعتقده البعض من أنه لا يصوم هذه الأيام إلا من كان له ذرية ! وأن من صامها ثم تركها تموت عياله !
وهذا خطأ واضح ، وضلال مبين ، وابتداع في الدين ، ما أنزل الله به من سلطان .
· فوائد معاودة الصيام بعد رمضان :
ذكر ابن رجب في لطائف المعارف (392-396) أن معاودة الصيام بعد رمضان فيه فوائد عديدة منها :
1- أن صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان يستكمل بها أجر صيام الدهر كله كما جاء في الأحاديث السابقة .
2- أن صيام شوال وشعبان كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها ، فيكمل بذلك ما حصل في الفرض من خلل ونقص ، فإن الفرائض تكمل بالنوافل يوم القيامة ، كما صحت بذلك الأحاديث ، وأكثر الناس في صيامه نقص وخلل ، فيحتاج إلى ما يجبره ويكمله من الأعمال .
3- أن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان ، فإن الله تعالى إذا تقبل عمل عبد وفقه لعمل صالح بعده ، وكما قيل : ثواب الحسنة الحسنة بعدها .
4- أن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب ، وأن الصائمين لرمضان يوفون أجورهم في يوم الفطر ، وهو يوم الجوائز ، فيكون معاودة الصيام بعد الفطر شكرا لهذه النعمة ، فلا نعمة أعظم من مغفرة الذنوب .ولذلك أمر سبحانه عباده بشكر نعمة صيام رمضان بإظهار ذكره وغير ذلك من أنواع شكره فقال تعالى : ( ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) .
· هل يكره الزواج في شوال :
كانت العرب قديما تتطير من عقد النكاح في شهر شوال ، وتقول : إن المنكوحة تمتنع من ناكحها كما تمتنع طروقة الجمل إذا لقحت وشالت بذنبها ، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم طيرتهم ، فقد ثبت في صحيح مسلم (1423)عن عائشة رضي الله عنه قالت : تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال ، وبنى بي في شوال ، فأي نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحظى عنده مني . وكانت عائشة تستحب أن تدخل نساءها في شوال .
قال النووي في شرح مسلم (9/209) في شرح هذا الحديث : ( فيه استحباب التزويج والتزوج والدخول في شوال ، وقد نص أصحابنا على استحبابه ، واستدلوا بهذا الحديث ، وقصدت عائشة بهذا الكلام رد ما كانت الجاهلية عليه ، وما يتخيله بعض العوام اليوم من كراهة التزوج والتزويج والدخول في شوال ، وهذا باطل لا أصل له ، وهو من آثار الجاهلية ، كانوا يتطيرون بذلك لما في اسم شوال من الإشالة والرفع ) .
ولذلك ذكر ابن كثير في البداية والنهاية (3/229) خبر زواج النبي صلى الله عليه وسلم وبنائه بعائشة ثم ذكر حديث عائشة السابق ثم قال : ( وفي دخوله عليه السلام بها في شوال ردا لما يتوهمه بعض الناس من كراهية الدخول بين العيدين خشية المفارقة بين الزوجين ، وهذا ليس بشيء لما قالته عائشة رادة على من توهمه من الناس في ذلك الوقت : تزوجني في شوال ، وبنى بي في شوال – أي دخل بي – في شوال . . . ) .
فتبين مما سبق أن التشاؤم من الزواج في شهر شوال عادة جاهلية ، ولذلك حرم الإسلام التشاؤم وعده من الشرك ، كما صح في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا عدوى ولا طيرة " . وثبت في سنن أبي داود عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الطيرة شرك " .
· هل هناك ما يسمى بعيد الأبرار ؟
من الأمور المبتدعة في شهر شوال ما يسمى بعيد الأبرار ، وهو اليوم الثامن من شوال ، فبعد أن يصوم الناس رمضان ثم يفطروا يوم العيد يصوم البعض شوال ابتداء من اليوم الثاني منه ، فإذا انتهى من الست يوم السابع جعلوا اليوم الثامن عيدا وسموه عيد الأبرار ، ويحتفل البعض في هذا اليوم بصنع بعض الأطعمة الخاصة بهذه المناسبة ، ويتصافحون وقد يكون ذلك في المساجد أو البيوت .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الاختيارات (165) : ( وأما ثامن شوال فليس عيدا لا للأبرار ولا للفجار ، ولا يجوز لأحد أن يعتقده عيدا ، ولا يحدث فيه شيئا من شعائر الأعياد ) .
ويقول أيضا كما في مجموع الفتاوى (25/298) : ( وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول الذي يقال إنها ليلة المولد ، أو بعض ليالي رجب ، أو ثامن عشر ذي الحجة ، أو أول جمعة من رجب ، أو ثامن شوال ، الذي يسميه الجهال عيد الأبرار ، فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها ) .
ويقول الشيخ بكر أبو زيد في تصحيح الدعاء (113) : ( مما أحدثه الناس : اتخاذ اليوم الثامن من شوال عيدا بعد صيام الست منه ، ويرتبون فيه أنواعا من الأدعية والأذكار ، فهما بدعتان : اتخاذه عيدا ، وتخصيصه بأي عبادة من ذكر وغيره ) .
· مع سماحة الشيخ:
قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله : ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر » . أخرجه الإمام مسلم في الصحيح . وهذه الأيام ليست معينة من الشهر بل يختارها المؤمن من جميع الشهر ، فإذا شاء صامها في أوله ، أو في أثنائه ، أو في آخره ، وإن شاء فرقها ، وإن شاء تابعها ، فالأمر واسع بحمد الله ، وإن بادر إليها وتابعها في أول الشهر كان ذلك أفضل ؛ لأن ذلك من باب المسارعة إلى الخير . ولا تكون بذلك فرضا عليه ، بل يجوز له تركها في أي
سنة ، لكن الاستمرار على صومها هو الأفضل والأكمل ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل » رواه مسلم . والله الموفق
ذ.عادل المطيرات